نحن وسبتمبر..

هل نتغنى اليوم بسبتمبر بمشاعر حب منزه من الخطايا والذنوب، ام نبالغ في سرد مشاعرنا للهرب من عقدة ذنب مخفية في أنفسنا، وفجيعة من خسارة باتت وشيكة؟!..
كان آباؤنا يمسكون بأكفنا ليقصوا علينا حكاية وطن دفعوا ثمنه غالياً، أرواح ارتقت لبارئها وقد خضبت دماءها جبين التراب قربان وطهوراً، للتخلص من حمل أثقل ظهورهم مئات السنين..
غربة، تذوقوا طعمها المر وأجبروا على معايشتها كواقع مفروض عليهم، منفى شبيهة بالمنفى الذي نتجرعه بعد غفلتنا!!..
استمعنا لكلماتهم بتململ غير مبالين ببريق النجوم الذي التقطته أعينهم من السماء والصقته نجوم تنيرهم وهو يشاهدون العروض العسكرية الحية التي ينتظرونها كل عام، ليعيدوا ذكرى لم تفارقهم للسادس والعشرين من سبتمبر المجيد..
والغالبية منا ينتظر وقت انتهاء العرض، "الواجب اجباري المفروض علينا"، لننساه وننسى الاسماء التي ترددت خلاله بمجرد انتهاءه، لنحملق في نفس الشاشة بحثاً عن قصص أكثر متعة وتشويق..
تجاهلنا احاديث آباءنا لاعتقاد خاطئ منا وقناعة جاهلة بأن لا أحد يمكنه سرقة دماء الاجداد، اكتشفنا بعد صفعة قاسية بأن دماء الأجداد ليست عصية على السرقة..
تسرق الدماء، وينهب التاريخ بكل وقاحة، مع نية مبيته لاختطاف الغد بأبنائه واحلامه ومستقبله بلا أدنى قلق من محاسبة أو عقاب.
أصبح علينا صباح نرى فيه الآباء يقبضون على أكف أبنائهم لوداع طفولتهم في المقابر، دون أن يسمعوا منهم سبب لوداعهم المبكر، أو سر سرقة ميراث ثورة عظيمة كثورة سبتمبر!، لم يجد ابنائنا الوقت الكافي ليعرفوا بأننا لم نكن امناء على الماضي، ولم نستطع الحفاظ على سلامة الغد ..
ما الذي يمكنك قوله لابنك عن الوطن، وانت فاقدة للبريق الذي كان يلمع في عيني والدك!!..
كيف تبرر له فقدانهم لوطنهم ومغادرته مصطحباً سبتمبر، ونحن من بدأ بمقاطعتهما حين أن قررنا مغادرة التاريخ، واكتفينا منه بنشيد وطني نقف له على مضض!!..
ربما كنا في حاجة لهذه الحرب، لنعود للماضي بمشهد عكسي سريع، نتوقف وقد وصلنا لصورة أكف آباءنا تحتضننا من جديد..
ننصت لحروفهم بقلوبنا، ونعود لمشاهدة العروض العسكرية والاستماع للأناشيد الوطنية مستحضرين الامس والغد، بتصميم لا يقوى عليه شيء وإرادة لا تهزم، لاستعادة الواقع ..

* نور ناجي

#اليمن_الجمهوري