الأحد، 31 مايو 2020

في عيادة الأسنان


نور ناجي

 لم يشعر والدي يوماً بوجع في أسنانه، ولم يذهب إلى إحدى عياداتها، لذلك امتلكت الكثير من الثقة بحصولي على إرث مناعي قوي. لا زلت أنظر إلى المصابة اسنانهم بإشفاق قبل أن يتمرد عليَّ ضرسي!..
 
أن تتعاطف مع المتألمين من حولك، أمر، وأن تكون أنت المصاب، مأساة مختلفة. ربما تخففت من بعض الصدمة حين أخبرني الطبيب- لاحقاً- بأن العصب كاد أن يموت من تلقاء نفسه نتيجة اهمالي، إلا أن ذلك لم يشفع للضرس المحشو. أي ضرس هذا الذي يرفض الانصياع لأوامر صاحبه!!.. 
 
لعلي كنت بحاجة للمرور بهذه التجربة. على الأقل صار بامكاني التأكد من أن وجع الأسنان لا يطاق فعلا! وليست "العصابة" التي يلفها الموجوع حول رأسه مبالغة درامية!..
 
لم تنحصر مشاكلي في الضرس "العاق"، فقد كان اختياره للتوقيت مكيدة أخرى جعلتني أجز عليه بغيظ وألم: "الم يدرك أن فيروس كورونا كان قد احتل كوكب الأرض منذ أشهر، ومازال بكامل شهيته، أم أنه تعمد ذلك؟!" تساءلت قبل أن انطلق إلى العيادة مطمئنة نفسي: "لم التشاؤم، على الأغلب أن الفيروس لن يستسيغ مذاقي!"..
 
لم أستغرب تباعد المرضى دون أن يحاول احداهم فتح باب للحديث أو حتى إعمال حاسبة عقله لإحصاء ما سيجني الطبيب أخر يومه. لا وقت للحسابات أو الحديث، فجلوسك المتربص لا يمنحك وقت لترهات الزمن القديم، فاحتمال تخفي الوحش بين الأجساد المحيطة بك وارد جداً!!..
 
لم ينحصر الخطر في صالة الإستقبال، فقد جلس الطبيب ساهماً خلف مكتبه قبل أن يتنبه لوجودي. يبدو أن الأطباء غيروا من نوعية قماش زيهم التقليدي ليصبح أقرب من ثياب رواد الفضاء. هل كان يتمكن من الرؤية الصحيحة خلال الكمامة التي تكاد تغطي عينيه؟!..
 
في حقيقة الأمر لم أكن مهتمة لمدى إبصار الطبيب حتى لو أخطأ في الضرس المصاب، فقد انصبت هواجسي في خلوه من الفيروس أو العكس!! لم لا؟! ابدى كورونا ولعه بالاطباء منذ أيامه الأولى!..
 
لست- في العادة- من النوع الذي يحمل سرعة بديهة أو ملكة التفكير السريع، إلا أنها كانت من المرات النادرة التي تمكن فيها عقلي من تدبير خطة وتنفيذها على الفور؛كان على الطبيب اجتياز اختبار السلامة الذي قمت به، وقد تجاوزه بنجاح حين قفز مبتعداً عني بعد سعالي الشديد!..
 
شعرت بارتياح لئيم للقلق الذي أصابه ولاصابعه المرتبكة حين بدأ بعمله على الضرس "العاق"، قبل أن يحدد موعد زيارة بعيدة نسبياً، وقد اتجه لتعقيم نفسه بالكحول دون أن يتحفظ من وجودي. لا بأس! لا داعي للأخذ بقواعد الاتيكيت في مثل هذا الوقت.
 
غادرت العيادة لأجد الشارع فارغاً من الحياة. يبدو أن "كورونا" جعلنا أكثر  تهذيباً. ضاق صدري قبل أن أتسائل: "اليس هذا ما كنت أطمح له بعد شكواي المستمرة من الضوضاء المزعجة والتلوث؟! لماذا التذمر الآن وقد انصت الشارع- من فرط هدوءه- لتتابع خطواتي!!..
 
فقدت الأرض لطفها القديم منذ اجتياح الفيروس للعالم. كثيراً ما تشعر بأنها تنفذ انتقامها من البشر. انتقام مستحق لا أحد  ينكر ذلك، إلا أنه اقسى مما كنا قد نتصوره يوماً!..
 
جميعنا يخشى الموت، وإن ادعى أحدنا جاهزيته له، إلا أن شعورك الدائم بتربصه أمسى أشد رهبة، وكيف لا، ونحن نرى الأرض بين الفينة والأخرى ترفع سجادتها من تحت اقدامنا بضعة أمتار، قبل أن تلقي بنفسها مجدداً نافضة ايانا عنها، إلا تدرك أنها بذلك تستعيدنا إلى باطنها مجدداً؟!..
ربما كان ذلك مسعاها، فالإنسان أكثر سلاماً حين تجف منه الحياة.
 
من الصعب أن تشعر بالأمان حين تدرك بأنك خصم محتمل لأرض تحيا عليها!..
 
أعتقد بأن تمسكنا بحياة مكتظة بالكراهية والحرب والمرض، لا يدل على رغبة في الاستمرار بقدر ما هو تسليم بالأمر الواقع حتى يحين موعد ناموس التغيير، أيا كان شكله ونوعه!..

السبت، 23 مايو 2020

نساء من القرآن (5).."أهل البيت"


نور ناجي

 
قال تعالى: "يٰٓأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"..
 
نزلت الآية السابقة بعد قيام زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام "بحيلة صغيرة"، لم أجد كامرأة ضيراً من استخدامها في سبيل التخفيف من زيارات الرسول لعروسه الجديد السيدة "ماريا القبطية". ربما أضفت إليها بعض التعديلات والرتوش، قبل أن أتوقف للحظة وأشعر بالانزعاج!..
 
لا يجدر بنا الاصغاء للنساء خلال نوبات غيرتهن. أقولها بكل صدق. فغالباً ما تفقد المرأة خلالها مَلَكَة المنطق السليم، وغالباً ما كانت السبب الرئيسي لعدم تعاطف نساء النبي مع السيدة "ماريا". هل كان جمالها، الذي عرفت به، سبباً لوضعها في "مرمى النيران"؟ أم أن البعض لم يجدها مكافئة بالقدر المناسب كونها "جارية سابقة"؟!..
 
لا تحمل النفس البشرية ذلك النقاء، مازلنا نحمل شوائبها وإن تحت سقف منزل نبوي، ألم يرد الله- في موضع آخر- أن يذهب الرجس عن أهل بيت رسوله؟!..
 
لعل معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام الحقيقية هي عدم امتلاكه "معجزة حسية" خاصة به. لم يؤمن له أتباعه بسبب عصى سحرية ولم يُسخر الجن لإقامة مملكته،...، مازال رسولنا الكريم يحمل لمسة إنسانية تضج بمفارقاتها العديدة: هواجس وطموح، شك ويقين، وضعف بشري يقابله صرامة وقوة حين يستدعي الأمر. وعلى ما يبدو أن الرسول لم يجد ضرورة لاستخدام الشدة في معاملته لأهل بيته، حتى تخللت حياته بالممحاكات النسائية!..
 
لم يكن تحريم الرسول العسل على نفسه هي الحادثة الوحيدة. فها هي إحدى زوجاته تسرب لأخرى بعض أسراره! هل حدث ذلك من باب الصدفة أم أن وشوشة الزوجتان كان لإعداد مخطط جديد؟ قال تعالى: "وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلٰى بَعْضِ أَزْوٰجِهِۦ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ"..
 
لم تدرك أم المؤمنين فداحة ما قامت به، حتى تسأل زوجها (الرسول) عن مصدر معلوماته؟! وربما قامت باستشارة رفيقتها عن تكتيك أفضل للتعامل مع هذا المستجد. لم يكن لاستمرار زوجتا النبي تقليل من شأنه- عليه الصلاة والسلام- كل ما في الأمر أنه يحمل قلب لين، يشفق على من حوله، حتى إن علم بما يخططان له. مازالت زوجتا الرسول تتهامسان قبل أن يأتيهم الرد الإلهي: "إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظٰهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلٰىهُ وَجِبْرِيلُ وَصٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلٰٓئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ"!!..
 
أي حشد؟! أعتقد بأن الرسول كان أول من تفاجأ بالدعم الذي أعده له الله مقابل تعنت زوجاته اللائي أخذنّ ينظرنّ إلى بعضهن البعض بحيرة وجزع: "لم تحض معركة بدر بكل هذا الدعم؟! هل تخطينا الحدود بسبب معركة وهمية؟! لا يتخطى الأمر غيرة نسائية مجردة، وأي إمرأة تلك التي لا تغار؟!"..
 
ليت الأمر توقف عند ذلك، فمازالت الآيات تتابع تأنيبها بلهجة قاسية: "عَسٰى رَبُّهُۥٓ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُۥٓ أَزْوٰجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمٰتٍ مُّؤْمِنٰتٍ قٰنِتٰتٍ تٰٓئِبٰتٍ عٰبِدٰتٍ سٰٓئِحٰتٍ ثَيِّبٰتٍ وَأَبْكَارًا"..
 
أكاد أشعر باللطمة التي أصبنّ بها. ليس من السهل تذكير إمرأة بسهولة تبديلها، فكيف إن كانت "زوجة رسول" تدرك المكانة التي نالتها بشرف الاقتران به، كما تدرك بأن السماء لا ترسل "ازواجاً انبياء" كل يوم؟!..
 
طالما تساهلنا في تجاوزات الأقرب والأكثر محبة، واستسصغرنا أذاها، سواء نالت منا أو أصابت غيرنا، متجاهلين بأن ذلك التساهل يجعلنا مشاركين فاعلين في الظلم :"يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوٓا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلٰٓئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ !"..
 
يبدو أن السور القرانية أخذت تسميتها من "السور"، أو" الطوق"، الذي يحدد هدف كل سورة!!..
 
ابتدأت سورة التحريم بتأنيب الرسول وزوجاته، وانتهت بمقارنة صريحة بين أربع شخصيات نسائية مذكورة في القران، نصفهن تقيد بالإيمان، رغم قيود البيئة الثقيلة التي أحاطت بهن، ونصف آخر آثر الانهزام أمام ضعف. لم تكن الغيرة بأي حال من الأحوال مسبباً له!..
 
لم تكن الآيات تجرم غيرة النساء أو تسعى لتجريدهن منها. مازالت- وغيرها من الطباع البشرية- مغروسة فينا حتى تتجاوز حدودها ويشوبها الاعوجاج..
 
من حسن حظنا كمسلمين، أن القرآن لم يترك تلك الحادثة لأمزجة قلوب أصحابها، والا كنا فقدنا مذاق العسل مبكراً. فلم يكن إرضاء النبي لازواجه ليقتصر عليه، طالما سنت تشريعات وقوانين من خلال أفعاله.

السبت، 16 مايو 2020

نساء من القرآن (4).."زوجة لوط"


نور ناجي

 لم تختلف ساحة القرية عن قرى أخرى، إلا من جلافة عابريها، ومن القلق الذي ينتابها للوجوه غير المألوفة، لذلك كان من الطبيعي، ذلك النهار، أن يحاط غرباء بالريبة، خاصة مع تجاهلهم منازل عِلِيّة القوم، وأتجاههم مباشرة نحو باب متهالك لم يطرق منذ زمن!..
 
"غرباء في منتهى الجمال، في منزل نبي الله لوط!"..!! كان ذلك هو الخبر السار في قرية كانت ترتكب الفواحش ويشتهر قومها بـ"إتيان الرجال شهوة دون النساء"..!!
 
لم يكن الفتية، الذين أخذوا ينشرون الخبر في أرجاء القرية، هو المستهجن الوحيد. فقد بدى الاستنكار على ملامح المرأة التي استقبلتهم على الباب: "من هؤلاء، وما الذي يبغون من لوط؟! هل يعقل أن الهراء الذي مازال يردده وصل اليهم؟!"..
 
أطلق القرآن على قوم لوط أقسى عبارات الوصف، فهم: المجرمون؛ والذين يأتون بفاحشة لم يسبقها إليهم أحد من قبل؛ مسرفون، ظالمون، مستكبرون..!! فقد كانت "قرية لوط"، القرية العادية التي فعلت الخبائث، وقطعت السبيل، وأتت المنكر في كل نادٍ ومستقر لها..!! حتى أن المرء يتسائل عن منكر عافته- قد يكون شفيعاً لها- فلا يجد..!!
 
 رغم ذلك، حاول سيدنا إبراهيم عليه السلام، الجدال فيهم، وتأجيل عذابهم لعلهم يهتدون. فقد عادت قرى عديدة لرشدها بعد منحها فرص جديدة، لكن الله سبحانه وتعالى كان حازماً في قراره أمام تلك القرية..
 
مهما اختلفت المشارب والآراء، مازال الظلم يحمل تعريفات متشابهة، إلا من اختلافات نسبية تعتمد على البيئة أو الثقافة، حتى قلبت قرية لوط تلك التعريفات رأساً على عقب بإنشاءها تعريفاً خاصاً بها. تجد ذلك واضحاً من خلال حكمها الجائر على نبيها: "قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ"- سورة الشعراء
 
فرق هائل بين أن تكون فاسداً، تحاول أن تخفي فسادك على المجتمع، وبين أن تكون مجاهرا بفسادك على الملأ، بل وتقضي جُلّ عمرك لتطبيع هذا الفساد مع من حولك، محارباً الاستقامة بذات الوقت: "فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ"- سورة النمل
 
 
على ما يبدو، أن "قرية لوط" كانت الأولى في شرعنة الظلم، والأنحراف، وفرضهما كقانون!!..
 
لم تسعى قرية لوط إلى "عولمة" قانونها بملاحقة زوار نبيها، إلا أنها اضطرت إلى ذلك أمام الغرباء! فليس من الجيد أن يسمح نظام فاسد باظهار ضعفه عبر "تطّهُر" أحد أفراده!! ويمكننا القول بأن الهدنة التي مُنحت للوط، لم تكن موجهة للغرباء، بقدر ما كانت آخر الفرص المتاحة لتخليه عن مبادئه!..
 
لنا أن نتفهم الأسباب التي دعت قوم لوط إلى استخدام التهديد والوعيد؛ غير أن انحياز "إمرأة" لوط التام لتلك القوانين كان هو المستغرب!! فلم تكن هذه "المرأة" (كما وصفها القران بهذا الوصف دون أن يذكر لها أسم حتى) بالشابة الطموحة لتستفيد عملياً من مفاسد قومها أو تطمح لبعضها. وبالتالي كان يفترض بعجوز- أقرب لآخرة يدعو إليها زوجها- أن تراهن على إيمان مريح..، فلماذا اختارت مساندة قريتها عن الوقوف في صف زوجها؟!..
 
للفساد نكهة خاصة؛ متعة تجذب الكثير. مازال الفساد و"المتعة اللحظية"، تُحَجِّم من قدر منافسيها، وإن كان اليقين هو ذلك المنافس، فمازال مؤجل المكاسب. وعلى الأغلب أن امرأة لوط كانت من ضمن تلك الجماهير، لولا قيد زواجها!..
 
أغلب الظن أن إمرأة لوط، كانت تكره زوجها (الطاهر) في قرية ديدنها الفساد والانحراف. وكيف لا، وقد أجبرها على إلتزام الفضيلة لسنوات طويلة من عمرها؟! هل أخفت مشاعرها طيلة تلك السنين، أم نزعت عنها رداء الورع بعد حين؟! لا أعتقد أن دور امرأة "تّزمل" زوجها حين تغلبه الحيرة، كان يليق بها!! ربما اختارت صبّ المياه القذرة على رأسه، أو وجدت في السخرية منه ما يشفي غليلها!!..
 
لم تبالي المرأة بالعجز، وقلة الحيلة، اللّذين بديا على لوط. فنامت، وقريتها، تلك الليلة دون أن تدرك بأن "غرباء" الصباح كانوا آخر زوار سيطرقون بابها، ليغادر نبيّ الله مع وبقية أهله دون زوجته، تلك القرية الظالمة، دون أن يلتفت إلى الخلف، كما أمره ربه، وقد كان يعلم في قراره نفسه بأنه لم يعد يملك شيئاً في قرية حق عليها العذاب الإلهي عبر زواره الغرباء، الذين لم يكونوا سوى رُسل ربه من الملائكة!!
 
لم تكن إمرأة لوط قد أرتكبت الفواحش مع قومها، إلا أن روحها كانت قد تلوثت بالفعل، ولم تعد تختلف عن قومها في شيء. فكما جاهدوا في نشر الفساد وقوننته، لم تبخل هي على زوجها بطاقة سلبية أفسدت أيامه، لتستثنى من أهل بيته الناجيين معه، وتنال ذات النصيب من العذاب الذي استحقه قومها، قال تعالى: "فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ"- سورة الأعراف

الأحد، 10 مايو 2020

نساء من القرآن (3) .. "زوجة فرعون"


نور ناجي

 
ليس من المستغرب أن تتعلق إمرأة بطفل ألقاه القدر على بابها. أراها تتوسل وهي تحتضن الصغير بلهفة لعلها تحميه من نظرات الريبة التي أخذ فرعون يرمقه بها قبل أن تتوسله مجدداً: "وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا "..
 
مازلنا أمام موقف إنساني يتشارك الغالبية مشاعرهم تجاهه، فكيف حين يتميز ذلك الطفل بصناعة ومحبة إلهية أجبرت فرعون بطغيانه على الرضوخ لرغبة زوجته التي سارعت في طلب المرضعات للصغير..
 
لم تكن سيدة القصر لتشك بالفتاة التي عرضت عليهم مرضعة تثق بالتزامها: "فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُون". فمازالت بحاجة الى حل سريع لمشكلتها خاصة بعد رفض الصغير المرضعات، على الرغم من صرخاته الجائعة قبل أن يستقر على صدر المرضعة المشار إليها..
 
تشعر المرأة أحيانا بالعبء نتيجة تدفق احاسيسها بالهشاشة التي تجعلها قابلة للانكسار بين الحين والآخر، إلا أنها- على الأغلب- لن تتنازل عن ذلك الضعف مقابل الحدس العالي الذي طالما كان رفيقاً له..
 
أكاد أجزم بأن "الملكة" كانت قد شعرت بأن المرضعة القادمة من بني إسرائيل هي الأم الحقيقية للصغير الذي تبنته. إن لم تكن سكينة الرضيع وتدفق الحليب دليلاً كافياً، لا بدّ وأن تقارب الملامح كان قد دلها على ذلك..
 
مازال فرعون يرى في بني إسرائيل أعدائه، يستضعفهم ويسومهم سوء العذاب، دون أن يوقف بحثه عن غريمه بينهم. أخذت امرأة فرعون تفكر في ذلك وهي تنقل بصرها بين الصغير وأمه، وتحاول إخفاء المعركة الدائرة في صدرها..
 
لا بد وأنها عادت بالاحداث الدرامية الاخيرة لنقطة البدء، تفاصيل الكابوس الذي أرق نوم زوجها، وربما لما قبلها من ظلم قام به زوجها ضد بني إسرائيل وغيرهم، قبل أن تدير العجلة مرة أخرى للأمام: "هناك أمر جلل يُعد!!"، انبأها حدسها، وقد يكون فيه نهاية مملكة زوجها وحكمه الذي سيمسها هي أيضا بشكل أو بآخر!!..
 
طالما تساءلت عن الأسباب التي حدت بزوجة فرعون إخفاء ما يحدث تحت سقف قصرها..! الم تخشى زوال مملكتها؟!.
 
لن تجد امرأة لا تحب القصور. طالما كان التاج ولقب الأميرة أو الملكة حلم طفولة أي فتاة، وقد أدركت زوجة فرعون وضعها ومكانتها جيداً منذ خطواتها الأولى في قصر زوجها: السيدة الأولى، وزوجة حاكم البلاد الأقوى على مر التاريخ، إلا أن تحقيق حلم طفولتها، الذي طالما حسدتها النساء عليه، لم يجعلها تتغاضى عن قسوة قلب زوجها والإستبداد الذي استمرأه. أي يأس شعرت به حين اختلفت قوانين زوجها عن قوانين المملكة التي تمنتها لنفسها!.. 
 
يبقى الظلم ظلماً، حتى مع محاولة تزيينه بالقصور وتغليفه بالقوة التي قد تُمنح لاصحابه!!..
 
يرى البعض أن المستضعفين هم الأسهل انقياداً لفكرة وجود حياة أخرى، بحثاً عن عداله لم يحصلوا عليها. ربما وجدوا أن الزاهد في الدنيا ليس سوى عاجز أخفى قلة حيلته بالتزامه بالأوامر الإلهية. قد يكون في ذلك جزء من الحقيقة، فالإيمان درجات، أولى خطواته الاستسلام، إلا أن تلك الدرجات لا تتوقف على المحرومين، فقد تكون "الجنة" حلم من لم تلبي الحياة طموحاته رغم وفرة ما اعطت!..
 
لم تكن مخاطرة زوجة فرعون، باخفاء ما يدور تحت قصره، سوى صرخة صامتة ضد ظلمه، دون أن تتخلى عن أحلام طفولتها، بدليل دعوتها استبدال قصر فرعون بآخر، سيكون بالتأكيد أكثر فخامة وعظمة مع ملائمته لقوانين عادلة تنشدها، طالما تتغير دعواتنا وامانينا بتغير طموحاتنا، قال تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"..
 
"دون اليقين"، تبقى الروح مجتزأة ينقصها الأهم، كثيرون من لم تبخل عليهم الحياة، إلا أنهم لم يجدوا في عطاءها ما يلبي احتياجاتهم..
 
على الأغلب أنهم يملكون من الصبر والتجلد أكثر من غيرهم، لذلك لن يكون تأجيل متعهم، مقابل ملء ارواحهم باليقين، بالأمر الصعب أو العسير عليهم..

السبت، 2 مايو 2020

نساء من القرآن (2) .. "امرأة العزيز"


نور ناجي

  طالما كانت إمرأة العزيز صورة للمرأة اللعوب في الأذهان، المرأة صاحبة الدهاء التي حاولت اغواء سيدنا يوسف وتمادت في أذاه حتى كانت السبب لنسيانه في سجن بائس، لتبقى وبنات جنسها على مر التاريخ متهمات "بالكيد" مهما حاولنّ الإنكار!!..
 
لكن لماذا الإنكار؟!، فاستخدام تلك التهمة يمنح المرأة أحيانا مهابة تحتاجها!..
 
تعتمد الطريقة التقليدية في سرد أي حكاية على وجود طرفان أحدهما شرير والآخر طيب. يمكننا وضع زوجة العزيز "طرف شرير" في قصة سيدنا يوسف، إلا أنها لم تكن "الشرير" الوحيد، فقد بدأت العداوات تحيط بالنبي مبكراً ومن أقرب الناس إليه، حتى أن والده حذره من غدر إخوته لمجرد سرده حلم مبهم: "قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ!"..
 
شعر سيدنا يعقوب بالضغينة التي يحملها أبناؤه على أخيهم، إلا أنه- شفقة بنفسه وبهم- أختار إلقاء تبعات مشاعرهم على الشيطان. يتواجد الشيطان دائماً، لكن هل جعله ذلك التواجد مخططاً رئيسياً لجريمة إخوة يوسف؟ أم كانت هناك أياد خفية أخرى: "قَالُوا يٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَ۫نَّا عَلٰى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنٰصِحُونَ"..
 
على الأغلب، أن المشاعر التي تتفلت من لسان المرء في لحظات غضبه الأولى تكون الأصدق- رغم مبالغتها أحياناً. تمنى أخوه يوسف "قتلة" سريعة لاخيهم، قبل أن يحجمها العقل والدم المشترك والمبادىء التي تشربوها عبر والدهم، لذلك تراجعت العصبة- رغم قدرتها- عن القتل، وتدرجوا نزولاً في أنواع العقاب المستحق "لاخيهم"، حتى وجدوا أن قضاءه عبداً بقية عمره سيكون مناسباً!..
 
لا تدري في حقيقة الأمر أي العقابين كان الأشد سوءا: "قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِى غَيٰبَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ"..
 
لا أعرف كيف تم اقتياد يوسف إلى مصيره، غير أني على ثقة بأن ابتسامة كاذبة هي ما رسمت على وجه الفاعل، على عكس الملامح التي استقبلت بها امرأة العزيز زوجها وهو يقدم لها الفتى المرتجف من قضاءه أيام أو أسابيع متنقلاً في أسواق العبيد: "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا"..
 
تمر السنوات وتتخذ القصة مسارا مختلفا، على الأغلب أن امرأة العزيز عاشت صراعا صامتا طويلا حين اتخذت مشاعرها مساراً مختلفاً لم تكن تتمناه وربما رفضته فطرتها كثيراً قبل أن تعترف لنفسها بأنها تعشق الشاب..
 
ليس المظهر الحسن، بالضرورة، اغراء كاف ليهز مبادىء وقناعات المرء، حتى يضاف إليه الحكمة والعلم الذي اُختص به النبي يوسف عن غيره من أقران، لتستسلم المرأة في النهاية وتكشف عن ما يراودها: "وَرٰوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِۦ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوٰبَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ رَبِّىٓ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ الظّٰلِمُونَ"..
 
استند إخوة يوسف على مبررات كاذبة وتخطيط مسبق لإخفاء مشاعرهم ومخططاتهم الحقيقية، فحيناً كانت استمالته أبيهم سبباً لإبعاد يوسف، وحينا كانت العصبة القوية التي يمثلونها مبررا مناسباً، على عكس امرأة العزيز التي نقصتها المبررات!!..
 
على الأرجح أنها لم تأخذ وقتاً في التخطيط أو التدبير، ومالت تصرفاتها إلى العشوائية والتهور منذ لحظة اعترافها للحظة اختيارها موقع الجريمة! فلم تلبس المرأة قناعاً زائفاً وهي تقتاد يوسف إلى مكان منعزل، ولم تستند إلى اكاذيب لإقناعه بما تريد!..
 
غلقت المرأة الأبواب في مكان سهل الانكشاف والتوقع، واختارت أن تكون صريحة وصادقة وباحت بمشاعرها. لعل ذلك الصدق هو ما أدى إلى استسلام يوسف، فكما كان الشاب قوياً وصادقاً لحظة رفضه الأولى، تراخى بعض الشئ كما ذكرت الآية لاحقاً: "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ"..
 
لا تبقى المشاعر على حالها حين تضاف إليها معطيات الوقت والظرف، وصدق قلب عاشق!..
 
تجاوز يوسف ذلك التحدي برفضه جملة وتفصيلاً مع العروض المشابهة التي أخذت تتوالى عليه، والتي لم تحمل ذات الصدق الذي كاد أن يؤدي به. أدرك النبي أن استسلام مجدد سيكلفه انتزاع إرادته الحرة، ليفضل السجن عن الفوضى التي أحاطت به: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِىٓ إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجٰهِلِينَ"..
 
مازال الشاب يحتفظ بما يخشى خسارته، بعكس إمرأة العزيز التي كانت قد خسرت كل شيء بالفعل، بعد أن نالتها الفضيحة وراحت الألسن تتداول قصتها، حتى لم يعد لديها إلا التمسك بهواها. هل كان ذلك الحب منزهاً إلا من الرغبة في الحصول عليه؟! أم أن كبريائها المهان أضاف أسبابا جعلتها تتشبث بالشاب!!..
 
تختلط المشاعر على المرء، حتى لا يدرك أن كان ما به حقيقي أم مجرد وهم يرى فيه ما يكمله! الوقت فقط هو ما سيحدد ماهية تلك المشاعر!..
 
مضت أحداث القصة كما أرادها الله، لتعود إمرأة العزيز إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، لكنها هذه المرة وقفت أمام ملك مصر الذي بدت رغبته في براءة يوسف واضحة للعيان!!..
موقف مهيب، يجعل من أي شخص يشحذ كافة أسلحته خشية عواقبه، إلا أن امرأة العزيز لم تكن بذلك الضعف وتملك العديد من الأسلحة!.
 
فمازالت زوجة "عزيز مصر"، بمكانته ومقامه، أمام شاب منهك لا تدعمه سوى "تفسيرات أحلام"، يبقى تحقيقها في علم الغيب. كما أن القدر وضعها مجدداً أمام الشاب الذي رفض قلبها وكسره، وجعل من محيطها يضعها في محل شك واتهام دائم!..
 
لن تجد امرأة العزيز أفضل من هذه الفرصة لانتقام جديد! فرصة لا تحتاج منها إلا تأكيد نفيها السابق وخلق بلبلة أمام الشاب الطموح، لكنها فاجأت الجميع باجابتها المستسلمة: "الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ"..
 
على ما يبدو، أن فكرة فراق يوسف لم تكن قد مثلت في ذهن امرأة العزيز من قبل، رغم السنوات التي قضاها في السجن!؛ "سيخرج يوماً وتمنح لها فرصة أخرى لعرض حبها!"، لعلها كانت تمضي أيامها بتلك الأماني، قبل أن تدرك أمام المحاكمة الجديدة أن لحظات الفراق الحقيقي قد حانت ولم يعد من مجال للمزيد من الأوهام!..
 
قاست المرأة بشكل سريع الخسائر التي سوف تدفعها ثمناً لبراءة من أحبته، وقارنتها أمام ما سيبقى لها من ذكرى ترضاها عن نفسها في ذهنه. ولعلها اختارت الصدق لتحرير نفسها من أوهام محبة لم تجد لها أرض صالحة للعيش، أرادت المرأة حريتها من قيد "خيانة" جديد، قبل حتى أن تفكر في حرية يوسف: "ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى كَيْدَ الْخَآئِنِينَ"..
 
لم يكن إخوة يوسف ليملكوا تلك الشجاعة أو الصدق، رغم مرور سنوات على ذنبهم الأول ونتائجه التي أدت إلى عمى والدهم، فما أن وضعوا في تجربة فقدان "صواع الملك" حتى ألقوا بتبعته على أخيهم الضائع!! خيال خصب لم تكن لامرأة أن تبتكره، وربما كان سينطلي على سيدنا يوسف لولا أنه كان من حاك الموأمرة: "قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ"..
 
لم تتهرب امرأة العزيز من اخطائها، كما حاول سيدنا يعقوب إلقاء اخطاء أبناءه على الشيطان، أو كما حاول أبناؤه من بعده. كانت المرأة مذنبة، أقرت بذلك بكل شجاعة وهي تضع وصفاً دقيقاً للصراع الدائر في النفس البشرية، مطالبة في ذات الوقت بحقها الإلهي في طلب المغفرة: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ"..
 
مثّلت امرأة العزيز العدو الأكثر صدقاً وشجاعة في القصة، تمسكها بالخطاء لبعض الوقت لم يجعلها تبرر لنفسها إستخدام وسائل غير مشروعة كالكذب والزيف. قد تبدو فكرة البحث عن عدو يحمل بعض القيم الإنسانية، لتحمل له في المقابل بعض الاحترام، فكرة رومانسية وبعيدة عن الواقع..
 
 فعلى الدوام كان إلقاء التهم على الآخر(الشيطان)، وتنزية أنفسنا، هي الطريقة المثلى للخروج بأقل الخسائر، متجاهلين حقيقة أن الخسائر تبقى فينا طالمنا رفضنا الإعتراف بها!..
 

فرانكشتاين!.. لم أصب بالدهشة حين وجدت أسم الكتابة "ماري شيلي" على غلاف "رواية فرانكشتاين"، فمثل الكائن المتجول بين صف...