الأربعاء، 11 يوليو 2018

مدينة الغبار

كل بضعة أيام أمسك بقطعة قماشية لامسح زجاج نافذتي..
النافذة التي لا تفتح سوى بضع دقائق في الصباح بعد أن تتأكد من خلو الشارع لتفغر شدقيها مبتلعة أكبر كمية من الهواء، والغبار..

وضعت القطعة القماشية جانباً، ومررت أصابعي على آثاره، لماذا فرضت على نفسي هذا العمل المضني، لماذا يجب على إزاحته ؟!، ما الذي سيختلف إن بقيت نافذتي مغبرة بلا نقاء، كسماء المدينة وبيوتها الحجرية المتأججة به، كجبل نقم الوثن الممل بمريديه..

صنعاء مدينة الغبار الذي يعود دائماً، بعد دقائق أو ساعات او حتى متأخراً لأجيال، لكنه يعود ويتموضع في مكانه معتداً بنفسه واثقاً من قدراته..

متراكم على سكانها و الوافدين عليها بعد تركهم لمدنهم وقراهم خلفهم، وقد اعتادوا طعمه بملامحهم المقتلعة ووجوههم المكوية بالشمس..

لا أسهل من الوصول للنهاية والموت في عمق المدينة، يكفي ترك نفسك مواجها لها لربع ساعة فقط حتى تهاجمك ذرات غبارها كملايين الرصاصات الدقيقة، تسد منافذ عينيك وانفك مفقدة إياك حاسة السمع إلى أن تخنقك وقد تكومت جافة على حلقك منتزعة روحك ببطء..

ليس الأمر بذلك السوء، لن تكون وحيداً تماماً، كثيرون غيرك اختاروا هذه النهاية ويسعون إليها بمحض إرادتهم..

نور 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فرانكشتاين!.. لم أصب بالدهشة حين وجدت أسم الكتابة "ماري شيلي" على غلاف "رواية فرانكشتاين"، فمثل الكائن المتجول بين صف...